أنشأت سفيتلانا أليكسييفيتش نوعاً جديداً من الأدب قائماً على كتابة رواية من الأصوات المتعددة لشهود مرحلة ما. حازت على عشرات الجوائز الدولية؛ أهمها جائزة السلام من معرض فرانكفورت للكتاب ٢٠١٣، و جائزة نوبل للآداب ٢٠١٥، التي نالتها عن مجمل أعمالها المتعددة الأصوات و التي تمثّل معلماً للمعاناة و الشجاعة في زمننا. و هي تعمق بأسلوبها الاستثنائي - الذي يقوم على تداخل دقيق بين أصوات - فهم عصر كامل.
شهدت روسيا عدة ثورات و اضطرابات و حروب أهلية دامية في بدايات القرن العشرين، نجم عنها ظهور الاتحاد السوفيتي الذي شكل صورة عن الإمبراطورية العظيمة التي لا تقهر.
رأى فيها البعض تحقق الحلم الاشتراكي الأحمر في بناء دولة عظمى، امتد نفوذها على نصف العالم تقريباً. بينما رأى فيها البعض أحد أقسى أشكال الحكم الشمولي القمعي.
في العام ١٩٩١ انهارت هذه الإمبراطورية بشكل متسارع بعد عدة ثورات و اضطرابات و حروب أهلية دامية، و استيط الإنسان الأحمر ليجد نفسه فجأة يعيش في أنقاض إمبراطورية تتهاوى إلى عشرات الدول المتصارعة، و تشهد انهياراً اقتصادياً هائلاً و نهاية الأحلام الكبيرة التي عاشها.
في كتابها، لا تبحث سفيتلانا عن إجابات للأسئلة الكبيرة التي تهم قارئ التاريخ، بل عن آلاف التفاصيل الصغيرة للحياة اليومية المنصرمة عبر جمع عشرات الشهادات لبشر عاديين عاشوا هذه التجربة و تقلباتها.
تبحث سفيتلانا عن الأحاديث الليلية الصغيرة التي تخفي مع الصباح، عن الحلم بمستقبل جديد، بزمن آخر. إلا أنه الزمن نفسه مكرراً؛ زمن مستعمل…