لا تذكر النهضة النسائية في الشرق العربي إلا ويتسابق إلى الأذهان اسم ميّ.
مي الأديبة المجاهدة التي عاشت ما كتبت، فكانت حياتها المليئة خير ما تركت من الآثار. كانت دقيقة الملاحظة، أنيسة العشرة، رضية الخلق، تحب اللهو والضحك والحركة، ولكنها كانت غريبة الروح، موحشة الفؤاد، تميل إلى العزلة فتخلو بنفسها إذ تتنهد وتشكو وتكتب وتحسد العصافير المرفرفة حولها، تزقزق على هواها حرة طليقة. ولم تكتف بمطالعة جبران غحسب، بل راحت تستوضح سيرته وأواعه باهتمام جدي، كأنما هي أرادت أن تكتشف الينبوع الأصيل الذي فجر ذلك النتاج. وعنّ لها أن تكتب إليه، ولكن كيف تفعل وهي لا تعرفه، وبعد تردد طويل تناولت ريشتها وخطت أول رسالة منها إلى جبران 1929.
رسائل مي يجب الاحتفاظ بها لأنها نوع جميل من أدب الرسائل في الأدب العربي.
لقد كانت على اطلاع واسع الحدود، فسيح المعالم، وكانت شخصيتها تثب مستقلة من خلال أفكارها وكتاباتها، فما قلدت كاتباً، ولا حاكت مؤلفاً، ولكنها ترجمت خلجات نفسها أو وحي ضميرها، وسر شعورها.