أستطيع أن أقول بأننا من أكثر الأمم تأثراً بالأحلام من الناحية الاجتماعية ، فكثير من عقائدنا وعاداتنا نشأت فينا ونمت من جراء ما نسبغ على احلامنا من صبغة قدسية ، وبعض رجال الدين عندنا يعتقدون بأن الأحلام تنطق أحياناً بالوحي الذي لا يجوز الشلك فيه ، وقد جرى العوام وراء رجال الدين في هذا الشأن إلى درجة كان لها أثر اجتماعي بالغ في السوء . وتتركز هذه العقيدة فيهم حين يرون في أحلامهم النبي أو أحد الأئمة يقول لهم شيئاً أو يأمرهم بشيء ، وهم عند ذلك يؤمنون بأن رؤياهم كانت صادقة ولهذا نراهم يندفعون في تحقيق ما قال النبي أو الإمام لهم في النوم كأنه قال لهم ذلك أثناء اليقظة . من هذه العقائد التي نشأت بين المسلمين بسبب الأحلام عقيدة التقديس للشرفاء أو السادة من ذرية النبي بغض النظر عما يقومون به من أفعال أو يتصفون به من أخلاق . وقد ذكرت في الفصل الرابع من كتابي هذا قصص بعض الأحلام التي رأى أحد المسلمين فيها النبي أو ابنته فاطمة الزهراء أو أحد الأئمة من أهل البيت وهم يأمرونه باحترام السادة وبرعايتهم وطاعتهم على الرغم من تسفلهم أو ظلمهم . وقد اعتاد بعض المسلمين أن يتداولوا مثل هذه القصص ويعدونها من صلب الشريعة الإسلامية مع الأسف الشديد . ... لم يقتصر تأثير الأحلام في عقول المسلمين من الناحية السالفة الذكر وحدها ، فهناك نواح عديدة أخرى كان للأحلام فيها أثر اجتماعي بالغ ، أتيت على ذكر بعضها في هذا الكتاب وفاتني أن أذكر البعض الآخر . أكاد أعتقد أن للأحلام أثراً في الأخلاق والنظام الاجتماعي كما كان لها أثر في العقائد والآراء